كيف تؤثر هوليوود وبوليوود سلبًا على مجتمعاتنا

هذا المنشور من ضيفتنا، بنت كشمير.

ربما يتذكر الكثيرون منَّا أول فيلم شاهدوه في حياتهم: بالنسبة لأغلبنا، ربما كان فيلم ديزني كلاسيكي شغلّه لنا والدانا، ولعلنا نتذكر تلك المشاعر المبهجة حين شاهدنا سندريلا تتزوج أخيرًا من أميرها، أو لحظة موت موفاسا المفجع في فيلم The Lion King.

في الواقع، كل أفلام الأطفال هذه لها خلفية أكثر قتامة بكثير، حتى وإن كانت تبدو لنا بريئة. لنأخذ سندريلا مثلاً: قصتها الأصلية أفظع من أن نوردها هنا. ومع ذلك، أخذتها ديزني، وحولتها إلى حكاية خيالية تشاهدها الفتيات الصغيرات بإعجاب.

هذا نوع واحد فقط، لكن قائمة عناوين وأنواع الأفلام المختلفة المتوفرة أطول من أن نحصيها. بوليوود وهوليوود كلتاهما مثيرتان للاشمئزاز، كلٌّ بطريقتها الخاصة؛ ومع ذلك، كان لهما بالغ الأثر في تشكيل المجتمع الذي نعيش فيه اليوم.

لنلقِ نظرة على بوليوود أولاً.

بوليوود

معظم الأفلام في بوليوود لها نفس الحبكة بشكل أو بآخر: أفلام “رومانسية” تصوّر باستمرار بطلاً “وسيمًا” يقع في حب فتاة عشوائية يراها صدفةً في الشارع، فيقرر مطاردتها ومضايقتها حتى تقع في حبه أخيرًا، ويرقصان معًا، ويشقان طريقهما سويًا نحو السعادة الأبدية.

مثل هذه الأفلام تلقى رواجًا في جنوب شرق آسيا، حيث أصبحت ثقافة المطاردة والتحرش بالنساء طبيعية الآن. بل إنَّ الهند – موطن بوليوود- هي أسوأ مكان ممكن للعيش فيه كامرأة، بكل ما تحمله هذه العبارة من معنى!

ما من شك في أنَّ مشاهدة هذه الأفلام باستمرار قد أنتج عقلية منحرفة، على مر الأجيال، فيما يتعلق بكيف تُعامل المرأة وكيف يجب أن تبدو العلاقات.

في هذا الصدد، أفادت دراسة مثيرة للجدل أجرتها رويترز عام 2018:

“وفقًا لاستطلاع خبراء عالميين نُشر يوم الثلاثاء، الهند هي أشد دول العالم خطورةً للمرأة، نظرًا لارتفاع مخاطر العنف الجنسي هناك وإجبار المرأة فيها على العمل بالسخرة”.

وبدورها، أفادت مجموعة بي بي سي الإخبارية آنذاك:

صحيح أنَّ الحكومة الهندية سارعت إلى التشكيك في استطلاع رويترز، إلا أنَّه لا حق لها في التفاخر: فبإلقاء نظرة على إحصاءات الجريمة الرسمية لعام 2016، نجد أنَّ الاغتصاب كان يتم بمعدل امرأة واحدة كل 13 دقيقة، في حين كانت جرائم الاغتصاب الجماعي تحدث بمعدل ست نساء كل يوم؛ وكانت العرائس يُقتلنَّ مقابل المهر كل 69 دقيقة؛ في حين كانت 19 امرأة تتعرض للاعتداء بماء النار كل شهر.

أضف إلى ذلك الآلاف المؤلفة من حالات التحرش الجنسي والمطاردة والتلصص والعنف المنزلي التي تم الإبلاغ عنها للشرطة.

لذا فإنَّ الزعم بأنَّ بوليوود ليست مسؤولة عن ذلك هو محض خطأ فادح، خاصةً أنَّها تصور الرجال في أفلامها بأنَّهم مجرد أوغاد حقراء لا يقبلون بالرفض. بل إنَّ هذا النوع من المطاردة العدوانية والتدخلية للمرأة صار له مصطلح خاص به داخل البلد: “eve-teasing”.

ماذا يعني هذا المصطلح؟ دعونا نبحث على موقع جوجل :

eve-teasing

اسم من اللغة الهندية

إبداء ملاحظات جنسية أو محاولات تقرُّب غير مرغوب فيها من طرف رجل لامرأة في مكان عام.

حين يشاهد الشباب اليافع هذه الأفلام، يرون أنَّ هذه الشخصيات “البطولية” لا تواجه أي عقوبات قانونية، بل يعودون إلى منازلهم مع الفتاة التي يشتهونها؛ هذا ببساطة يُجرِّئّهم ويدفعهم للاعتقاد بأنَّهم لن يواجهوا أي عواقب على أفعالهم.

هوليوود

إنَّ الآثار السلبية التي تحدثها الأفلام في الدماغ تؤثر في المجتمع ككل، وهوليوود مشهورة بتشويه توقعات النساء للعلاقات الرومانسية: بسبب سوء تمثيل “الرومانسية” في الأفلام الشعبية الرائجة، قرر عدد كبير من النساء عدم البحث عن زوج مناسب، بل إنَّهنَّ سينتظرنَّ لحظة تلاقى عيناهنَّ مع عينيَّ “فارس أحلامهنَّ” بمجرد أن يراهنَّ من طرف الغرفة، ثم يقع كلُّ منهما في غرام الآخر. وبطبيعة الحال، سيكون “فارس الأحلام” هذا ملياردير لا يعرفه أحد، وبه كل ما تبحث عنه المرأة من طول ووسامة ورهافة إحساس و”لمسة أنثوية” وما إلى ذلك، أي قمة الكمال بالنسبة للمرأة! وسيكون أيضًا شخصًا يحبها كما هي بالضبط، بكل عيوبها الفظيعة والجنونية. وسيتزوجان سريعًا (بحفل زفاف فخم للغاية)، وسيكبران ويشيبان معًا، وفي النهاية سيموت كلُّ منهما بين أحضان الآخر.

أمَّا احتمال أن يكون هذا الرجل مجرمًا أو شخصًا استغلاليًا، فهو أمر يتم تجاهله بالكلية، وكله باسم الحب!

نيويورك ولوس أنجلوس هما من أكثر الولايات اكتظاظًا بالسكان في الولايات المتحدة، إذ كثيرًا ما يتم تصويرهما بمعظم الأفلام على أنَّهما مسرح تحقيق الأحلام؛ فطوال قصة الفيلم، يُنصح الجمهور بطريقة غير مباشرة: “إذا كنتم تريدون الحب والسعادة ووظيفة الأحلام، ستجدون كل هذا بانتظاركم هاهنا!” وغالبًا ما ينطلي هذا الكذب البواح على الأجانب، لجهلهم التام بحقيقة الأمر، فيعملون بكد طوال حياتهم، سعيًا لبلوغ “أرض الحرية”.

وعلى مر السنين، نجحت هوليوود كذلك في تضمين أجندة الشذوذ في الأفلام والبرامج التلفزيونية الشهيرة، دون أدنى إحساس بالحياء؛ بل إنَّ أكثر من 80٪ من المحتوى المعروض على موقع نتفلكس مؤيد للشذوذ ومشجع له، وهو متوفر في كل بلد تقريبًا، إلا من رحم الله، وقليلٌ ما هم!

بتطبيع أمور مثل الشذوذ والعري والجرائم وإدمان المواد المخدرة، تتبلد مشاعر المشاهدين – بغير علمهم – تجاه الانحطاط؛ حتى صرنا نرى إخواننا وأخواتنا المسلمين يقعون في هذه الآثام.

ذات صلة: أفنتشرز وفايكنجز و”جود أوف وور” (إله الحرب): كيف تعمل ثقافة البوب على نشر الشرك

برغم ذلك، لا تعير الغالبية العظمى منَّا أي انتباه لحقائق “الترفيه” الذي نستهلكه بصفة يومية، ولا ندرك إطلاقًا أنَّ نظرتنا للعالم بدأت تصبح مشوهة، من جراء ما نتعرض له من هندسة اجتماعية وغسل دماغ متواصل.

لذا يجب على المسلمين إلى أن ينتبهوا من غفلتهم، وأن يتوقفوا عن استهلاك وسائل الإعلام، فهي قد تم إنشاؤها لغرض واحد واضح لا لبس فيه: تدمير أرواحنا. إنَّ مخرجي هذه الأفلام يعرفون تمامًا ما يفعلونه، ولم يستثمروا مليارات الدولارات في هذه الصناعة لمجرد صناعة الترفيه.

ومع الترويج الدائم للفجور والانحطاط الذي تنشره هذه الأفلام، ليس من قبيل الصدفة إذن أن نشهد ارتفاعًا مذهلاً في معدلات الجريمة والوفيات خلال السنوات القلية الماضية.

لذلك، فمن الواجب علينا فعلاً، كمسلمين، التفكير أكثر من مرة فيما نشاهده وما نسمح لأطفالنا بمشاهدته؛ لأنَّ تداعيات الإهمال في هذا الصدد لن تكون طفيفة أو تافهة.

MuslimSkeptic Needs Your Support!
Subscribe
Notify of
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments